Si je n'avais pas lu Edward Saïd, je serais orientaliste - لو ما قرأت كتاب إدوارد سعيد لكنت مستشرقة

Friday 28 September 2012

زوج حذاء لعائشة - نبيلة الزبير


"النقاط للتفتيش. هي لم تُفتش. المرأة لا تفتش في هذه البلاد، لأنها لا يعتد بها، لا أهلية لها، ليست أحدًا، ولن تفعل شيئا. وإن فعلت فليس لنفسها، بل لأحد غيرها، لماذا تُسأل هي، هم قادرون على تهذيبها عبر وليّها، أبيها أو أخيها أو حتى زوجها. هي ليست شخصًا ليسألوه، هي "شيئ" له من يسأل بشأنه. 


تسأل، لا أحد يرد عليها. فقط يدفعون بها من سيارتها لتفسح الطريق. الطريق لمن؟ لسيارات الضيافة وأطقم الحراسة والدوريات. ما عدا ذلك لا أحد. الشوارع خالية ومفرغة ومقطوعة. المسافة التي تقطعها يوميًا إلى بيتها، نصف الساعة طال اليوم لساعات. والمدينة خالية ونظيفة. 

لمعوا المدينة. رفعوا قماماتها. زينوا الواجهات والنواصي. حتى البيوت التي على الشوارع الرئيسية، الشوارع التي ستنال شرف مرور الضيوف، لمعت واجهاتها. أسوار البيوت المهملة رُمّمت. كل هذا على شرف الضيوف. من أين لنا ضيوف طوال العام، لتبقى مدينتنا نظيفة. لكن والناس؟ ما دام الناس اقتنعوا بأنهم "وساخة" مكانها البيت، فليظلوا في بيوتهم. 

لكن الذي أفزع نشوى ذلك اليوم هو الأشجار. حولوا عشرات الأشجار من طبيعية إلى اصطناعية. نقلوها من المكان الذي كانت فيه على قيد الحياة، إلى حيث أرادوا لها أن تقف لتحية الضيوف. أشجار طويلة لا تصلح أبدًا لأن تكون أشجاراً للزينة. ما ذنب هذه الأشجار المجتثة من تربتها، من حياتها؟ اكتشفوا فجأة أنه ليس في مدينتهم أشجار؟ فما ذنب الأشجار التي اقتلعوها من موطنها، لتقيم هنا ميتة؟ هل عسكروا حتى الأشجار! إنها تقف مثل الجنود الذين صادفتهم في الشوارع. كل بضعة أمتار زرعوا جنديًا. جنود لا يلوون على شيء، لا يملكون أن يقولوا لا. هكذا هم الجنود على الأرجح. لكن الأشجار؛ هناك منها من قال لا، على طريقتها طبعًا، رفضت أن تقف. هل رفضت أم انهارت؟ تممدت شجرة أمامها بكامل طولها، شعرت بها تبكي قدرها، تنعي بلدًا يبكل بالأشجار ويجتثها للزينة. 

يا للرعب الذي يحدثه سقوط شجرة لتوه. كانت تعبر بسيارتها الخط الدائري، إلى يمينها السفارة السعودية، بعد سورها انعطفت يمينًا، بمدخل السبعين سقطت الشجرة! كادت تصطدم بها، اصطدمت بسقوطها! 
لو كامت لها أن تؤسس حزبًا، لكان حزبًا من أجل الأشجار! الناس؟ ربما ذات يوم كانوا أشجارًا، هم اليوم ذلك الحطب الذي يتكوّم، كل في بيته." 

ص. ٢٥١-٢٥٣ من "زوج حذاء لعائشة" لنبيلة الزبير

مع أن لا فهمت كل شيء (لا زال عربيتي ضعيفاً)، خاصة من هي هذه المرأة عائشة من عنوان الكتاب فيما القصة كلها تتعلق بحيات نساء ثلاثة أخريات: زينب ونشوى ورجاء. الشخصيات كثيرة، ويتركز الكتاب عن عائلة غنية نوعًا ما والناس المرتبطين بشكل أو آخر بهم ... عائلة يمنية ورجالها كلهم لهم تصرفات سيئة مختلفة، من الأب "متحرّر" إلى الأبناء "المتديّنين" (متطرّفين أكثر من متدينين فالحقيقة - لا شيء ديني لهم عدا مظهرهم الخارجي). في هذه الرواية النساء معظمهن ضحيات نظام الرجال ولكن قوة الرواية هي أن الشخصيات أكثر تعقيداً وعمقاً من أن القصة المفضلة لدى الغربيين عن المرأة الشرقية المقهورة والرجل الشرقي المسيطر: في النهاية لا تعرف إن يجب أن تكره أو تشفق على هؤلاء الرجال ولا تعرف ما يجب أن تفكر في هذه النساء شجعانات وضحيات في حد ما... ولكن من المؤكد أن الجهل في كل أشكالها هو العدو الأكبر في أي مجتمع ولا يأتي ذلك الجهل من الدين أو الأفكار أو شيء من هذا القبيل بل من عدم وجود ذكاء إنساني. 

ذلك المقطع غير ممثل للكتاب الذي تصف عموماً علاقات بين الناس و"الوسط السفلي" في مجتمع اليمن (يعني عالم الدعارة والرجال المتراودون فيه) ومحاولة إمرأة في استقرار حياتها خارج هذه العالم وتجد أن العالم العادي ليس أفضل إطلاقاً - ولكن أحببت ذلك المقطع لأن نادراً ما أجد أي إنتباه للطبيعة في العالم العربي مما شفت منه أو قرأت عنه، مع أن الطبيعة في الشرق الأوسط هي في أزمة كبيرة مثل الوضع الإنساني (بكثرة الحروب والمشكلات أكثرها مرتبطة بالغرب وبالغباء الذي تجد في كل مكان) ... ومنذ شفت أشجار الزيتون المقتلعة في فلسطين والأكياس البلاستيكية في كل مكان تلوّث المظهر والأشجار والأزهار في الأردن، صرت أنتبه لمثل هذه الأوصاف. وإضافة إلى ذلك طبعاً هذه الأشجار استعارة لأوضاع أخرى كما تقترح الأسطُر الأخيرة. 

ذلك المقطع تصف كذلك هذه العلاقة المكروهة بين الأقوياء والضعفاء وكل ما ومن يٌضحى من الأشياء والناس في مشروع لقاء القوي مع الضعيف (هناك "الضيوف" واليمن). 

استمتعت كثيرًا في قراءة الكتاب والآن يبقى لي أن أعيد القراءة لأفهم بالضبط من هي هذه “عائشة”! 

No comments:

Post a Comment